إستراتيجيات التخزين المستودعي

يعد المستودع مكانًا مخططًا لتخزين السلع والمواد ومناولتها.’ (Fritz Institute)

تُحدد احتياجات التخزين المستودعي الكلية لمنظمة إنسانية بشكل عام وفقًا لاحتياجات أنشطة الاستجابة الفردية وإجمالي أهداف المنظمة نفسها. فقد تحتاج المنظمات التي تتعامل مع كميات كبيرة من السلع غير القابلة للتلف إلى العديد من المستودعات في أماكن متفرقة، بينما قلما تحتاج المنظمات التي تركز على التدخلات المتخصصة المستهدفة -مثل إعداد برامج الدعم النفسي والاجتماعي- إلى إستراتيجية تخزين مستودعي مفصلة وقد تختار الشراء من البائعين والاستلام منهم مباشرة وفقًا لما يتطلبه المشروع. فبالإضافة إلى الكميات المتوقعة من السلع، ستُحدد احتياجات التخزين المخصصة أيضًا إستراتيجية التخزين المستودعي؛ إذ تتطلب إدارة المنتجات الطبية إدارة مخزون أكثر تفصيلًا وربما ظروف تخزين مخصصة، في الوقت الذي قلما تحتاج فيه العناصر غير الغذائية (NFIs) المستدامة أيّ شيء أكثر من الحماية الأساسية من العناصر.

بصورة عامة، تتبع وكالات المساعدة الإنسانية نموذجًا لتسليم السلع إلى السكان المستفيدين المتضررين بصورة تشبه شبكات التوزيع التجارية، التي تتألف من منشآت تخزين دولية ومحلية تعمل كنقاط تجميع، ومنشآت تغذية ونقاط التوزيع لجهة التسليم الأخيرة.

مثال: هذه لمحة عامة على سلسلة الإمداد الإنسانية العامة واحتياجات التخزين المستودعي.

المستودعات الإقليمية/الدولية

تبنت العديد من منظمات الاستجابة الإنسانية الدولية إستراتيجية التخزين المسبق لإمدادات الإغاثة في مستودعات كبيرة غير موجودة في بلدان عمليات الاستجابة، ولكنها تقع عادة في موقع أو أكثر من موقع إقليمي إستراتيجي. إذ يؤدي تطوير المستودعات الإقليمية إلى تقليل الوقت المطلوب للاستجابة إلى حالات الطوارئ السريعة بصورة عامة، بالإضافة إلى تعزيز إمداد أكثر موثوقية واتساقًا لعناصر الإغاثة المادية لبلدان العمليات التي تقع حول المنطقة التي يخدمها المستودع.

يعمل المستودع الدولي أو الإقليمي كنقطة تجميع للعناصر المُستلمة من البائعين، أو المانحين، أو الشركاء، مما يُمكن منظمات الاستجابة الإنسانية من فحص البضائع وتجهيزها، وفصلها، وإعادة تعبئتها أو تجهيزها بطريقة أخرى لنقلها مجددًا إلى مكان آخر. عند القيام بذلك، تعمل المستودعات الإقليمية والدولية كمنشآت للتخزين المسبق -إذ تحتفظ بالبضائع في حالة الطوارئ السريعة غير المتوقعة- وكمنشآت تغذية -وهي المستودعات التي تعيد إمداد المستودعات ببطء إلى مكان أبعد في سلسلة الإمداد.

على الرغم من تبني الكثير من الوكالات لإستراتيجية المنشأة الإقليمية، ينبغي ألا ننظر إلى المستودعات الإقليمية باعتبارها حلًا افتراضيًا أو مسلمًا به. إذ قد يكون الاحتفاظ بمستودع كبير -ولا سيما في منطقة نائية والذي لا يكون موجودًا بالضرورة في الدولة نفسها التي تقع بها مقرات الوكالة الرئيسية- مكلفًا للغاية، ويتطلب المزيد من الموظفين والوقت لضمان استيفاء المعايير الأساسية وعمل المنشأة بشكل صحيح. فإذا لم تكن الوكالة مستعدة للالتزام بالدفع مقابل سنوات عديدة من التخزين في مكان ناءٍ، أو لا تستطيع دعم الإشراف الفني أو ساعات العمل المرتبطة بالإدارة السليمة للمنشأة، فربما تختار الوكالة الاستعانة بمصادر خارجية تمامًا لإدارة مستودعها الإقليمي، أو التخلي عن مستودع الاستجابة الإقليمي بالكامل.

تحديد موقع المستودع الإقليمي

عند اختيار موقع المستودع الإقليمي، يجب وضع النقاط التالية في الحسبان:

  • سهولة الوصول إلى كمية كبيرة من النقل الدولي متعدد الوسائط - هل يقع المستودع بالقرب من الموانئ والمطارات ذات الحجم والسعة الإنتاجية الكافية؟
  • الموقع ذو الصلة بمنطقة الاستجابة - هل تحتوي المنطقة على أنشطة استجابة كافية وهل يطابق الموقع المنطقة الشاملة للتدخل المخطط له؟
  • طبيعة التدخلات المخطط لها - هل سيخدم المستودع أنشطة الاستجابة السريعة؟ أو هل سيغذي المستودع الأنشطة المستمرة لمدة أطول فقط؟
  • مناخ الدولة السياسي - هل حكومة الدولة التي يقع بها المستودع المحلي مستقرة وغير معرضة للنزاع، أو الإطاحة أو تغيير السياسات بصورة جذرية؟
  • الجدوى الاقتصادية - هل العمل في الدولة فعال من حيث التكلفة؟ هل هناك محفزات مثل مناطق التجارة الحرة أو الإعفاءات الإنسانية التي تُقلل من تكلفة العمليات الدولية؟
  • إمكانية الوصول إلى وسائل الراحة المناسبة - هل يضم الموقع منشآت بالحجم المناسب والجودة المطلوبة؟ هل هناك حاجة للتخزين الجمركي أو الخاضع للتحكم في المناخ؟
  • إمكانية الوصول إلى الدعم الفني الكافي - هل هناك عمال/شركات ماهرة متاحة بسهولة في السوق والتي يمكنها إدارة المهام المتخصصة وتنفيذها كالإصلاحات؟

يمكن أن يكون لأيٍ من النقاط المذكورة أعلاه آثار سلبية على قدرة المستودع الإقليمي على أداء وظائفه الأساسية.

تشغيل المستودع الإقليمي/الدولي

يمكن أن تكون المستودعات الإقليمية/الدولية منشآت مبنية حسب الغرض أو مصممة حسب الغرض يُديرها موظفون دائمون تلقوا تدريبًا في جميع المناطق اللازمة لإدارة منشأة فعالة، أو يمكن الاحتفاظ بالمخزون من خلال استخدام النسخة نفسها من موظفي موفر الخدمات اللوجستية من الأطراف الخارجية (3PL) والمنشآت التابعة لهم. ومن الناحية النظرية، سيستخدم أيّ مستودع إقليمي أو دولي أدوات إدارة المخزون التي تعتمد على الكمبيوتر، باستخدام برامج تساعد في تخطيط المستودع وإدارته. ينبغي أن تكون بيئة التشغيل الخاصة بالمستودع الإقليمي أو الدولي الأساسي المُستخدم للتخزين المسبق مستقرة نسبيًا، وأن يكون الاهتمام الكلي منصبًا حول تشغيل المستودع بكفاءة وأن يكون فعالًا من حيث التكلفة. جعلت الكثير من المنظمات منشآت التخزين المسبق متمركزة في مواقع إستراتيجية عالمية. وبعضها يوفر خدمات شاملة للمنظمات الإنسانية على أساس رسوم التشغيل بتسعيرة إضافية مثل شبكة مستودع الأمم المتحدة للاستجابة للحالات الإنسانية (UNHRD).

المستودع المركزي - منطقة الاستجابة

تعتمد احتياجات المستودعات وأعدادها المطلوبة في منطقة الاستجابة على حجم الأنشطة المنفذة ونوعها ومواقع التشغيل. إذ تفضل الكثير من منظمات الاستجابة الاحتفاظ بمستودع مركزي واحد على الأقل في دولة أو منطقة الاستجابة.

عادةً ما يقع المستودع المركزي في منطقة الاستجابة إما في عاصمة دولة الاستجابة، وإما في مركز تجاري رئيسي يقع داخل دولة الاستجابة مجهز ببنية تحتية كافية. يمكن أن يكون الموقع النهائي للمستودع المركزي في أيّ مكان، ما دام يُلبي احتياجات المنظمة وأهداف الاستجابة. ففي مناطق الاستجابة الكبيرة، أو في الأنشطة الكبيرة، يمكن أن تحتاج المنظمات إلى مستودع كبير في أكثر من موقع واحد. وعادةً ما يكون الموقع العام للمستودع المركزي الكبير قريبًا نسبيًا من البحر والمطارات، ومنشآت التصنيع، والعمالة أو الخدمات ذات المهارة العالية أو المتخصصة وخدمات النقل التي يسهل إتاحتها في الدولة. يمكن أن تُدير الوكالة المستودع المركزي مباشرة بما في ذلك التوظيف والإيجار والتأمين، ولكن يمكن أن يتم التعاقد على المستودع المركزي مع مورد خارجي بالنسبة للسياقات التي تحتوي على أنشطة تجارية كافية.

يعمل المستودع المركزي كنقطة الاستقبال الأساسية للسلع التي تتدفق إلى الدولة، بالإضافة إلى كونه نقطة تجميع للسلع المُشتراه بصورة محلية. ويعتمد حجم المستودع المركزي على كميات السلع المتوقعة نفسها، والإنتاجية المتوقعة للبضائع، والأنشطة الجانبية كالتجهيزات التي يمكن أن تحدث في الموقع. يتمحور الهدف الكلي من إستراتيجية المستودع المركزي حول توفير تدفق كافٍ ومتحكم به لمواد الإغاثة إلى مواقع بعيدة أو يصعب الوصول إليها، مع الإبقاء على مواد كافية في متناول اليد لاستيفاء الطلب في جميع الأوقات. قد ترغب بعض المنظمات في التخلي عن إستراتيجية المستودع المركزي كليًا بدلًا من ترتيب عمليات تسلم مباشرة من الموردين أو منافذ الدخول الدولية إلى المستودعات الميدانية أو مواقع التوزيع الخاصة بالمستفيدين.

المستودعات الميدانية

تُعد المستودعات الميدانية إستراتيجية أخرى تبنتها الكثير من منظمات الاستجابة. عادة ما يكون المستودع الميداني في نهاية سلسلة الإمداد، بالقرب من نقطة التوزيع الأخيرة إلى المستفيد. قد تأتي المستودعات الميدانية في أشكال متنوعة، فهي تتراوح ما بين الخيام والهياكل المتنقلة ذات الجوانب اللينة إلى الهياكل الصغيرة ذات الجوانب الصلبة.  وقد تكون بعض المستودعات الميدانية كبيرة مثل المنشأة المركزية بناءً على الاحتياجات المرجوة منها؛ إذ يعتمد تعريف المنشأة الميدانية على قربها من الأنشطة المتعلقة بالبرامج والدور الذي تلعبه كآخر محطة في طريقها إلى المستفيدين.

لا تحتوي المستودعات الميدانية على مستوى البنية التحتية المتطورة ذاتها للمستودعات المركزية أو الدولية. عادةً ما تكون ظروف التخزين الميداني محدودة على أفضل تقدير، وقد يلزم إجراء تحسينات كبيرة على التخزين المتخصص مثل متطلبات التحكم في درجة الحرارة. كما يُشكل الأمن في المستودعات الميدانية مصدر قلق أساسيًّا، وقد يلزم الحصول على بنية تحتية إضافية مثل الأسوار المبنية وخدمات الحراسة الإضافية. ومن المحتمل أن تُنقل البضائع وتُكدس يدويًا مع توفر معدات تخزين محدودة مثل الأرفف.

كما يمكن أن تكون القوة العاملة في المستودع من العمالة المؤقتة التي لم يسبق لها العمل في مستودع من قبل، كما من المحتمل كثيرًا أن يعتمد نظام إدارة المخزون على الورق. غالبًا ما يكون الوضع فوضويًا في البداية عند إنشاء مستودع ميداني، وقد يغدو خطيرًا في بعض الأحيان ومصحوبًا بحاجة إنسانية ربما تكون مُلحة جدًا. لذا يجب أن يكون نمط الإدارة عمليًا وموجهًا نحو العمل مع التركيز على إتاحة السلع الإنسانية بسرعة وكفاءة قدر الإمكان، مع الحفاظ على قابلية المساءلة في الوقت ذاته.